روى البخارى ومسلم فى صحيحهماأن النبى
صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) .أسماء الله الحسنى الصحيحة الثابتة في القرآن والسنة
ترتيب الأسماء الحسنىترتيب الأسماء الحسنى مسألة
اجتهادية يراعى في معظمها -على قدر المستطاع- ترتيب اقتران الأسماء
بورودها في الآيات مع تقارب الألفاظ ليسهل حفظها بأدلتها ، والأمر في ذلك
متروك للمسلم وطريقته في حفظها .
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ
الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الأَوَّلُ
الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ السَّمِيعُ البَصِيرُ المَوْلَى النَّصِيرُ
العَفُوُّ القَدِيرُُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ الوِتْرُ الجَمِيلُ الحَيِيُّ
السِّتيرُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ الوَاحِدُ القَهَّارُ الحَقُّ المُبِينُ
القَوِيُِّ المَتِينُ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الشَّكُورُ
الحَلِيمُ الوَاسِعُ العَلِيمُ التَّوابُ الحَكِيمُ الغَنِيُّ الكَرِيمُ
الأَحَدُ الصَّمَدُ القَرِيبُ المُجيبُ الغَفُورُ الوَدودُ الوَلِيُّ
الحَميدُ الحَفيظُ المَجيدُ الفَتَّاحُ الشَّهيدُ المُقَدِّمُ المُؤخِّرُ
المَلِيكُ المُقْتَدِرْ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ
القَاهِرُ الديَّانُ الشَّاكِرُ المَنانَّ القَادِرُ الخَلاَّقُ المَالِكُ
الرَّزَّاقُ الوَكيلُ الرَّقيبُ المُحْسِنُ الحَسيبُ الشَّافِي الرِّفيقُ
المُعْطي المُقيتُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ الحَكَمُ الأَكْرَمُ البَرُّ
الغَفَّارُ الرَّءوفُ الوَهَّابُ الجَوَادُ السُّبوحُ الوَارِثُ الرَّبُّ
الأعْلى الإِلَهُ هل يجوز تسمية الله بهذه الأسماء؟
المعز المنتقم الضار النور الستار الدهر الطبيب المحى المميت
الإجابةوالقول أنها أسماء جهل بقواعد الأسماء والصفات لأن هناك من يعتقد أن كل صفة لله تعالى تشتمل على اسم وهذا خطأ كبير .
ومن قواعد الأسماء والصفات ( أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء ) فليست كل صفة دالة على اسم بل العكس أن كل اسم دال على صفة
ومن الأمثلة على ذلك ما قاله ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى حيث قال
: ومن أمثلة ذلك:أن
من صفات الله تعالى المجيء، والإتيان، والأخذ والإمساك، والبطش، إلى غير
ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى: (وَجَاءَ رَبُّك). وقال: (هَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ
الْغَمَامِ). وقال: (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ). وقال:
(وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا
بِإِذْنِهِ)(75).
وقال: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ). وقال: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ). وقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا".
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد،
ولا نسميه بها، فلا نقول إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك،
والباطش، والمريد، والنازل، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه بهالأسماء التي لم تثبتأما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما وهي:الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل العَدْلُ
الجَلِيلُ البَاعِثُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ
الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَالِي المنتَقِمُ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ
المُقْسِط الجَامِعُ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ
الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور .اسم الله الأعظمكثير من الناس وخصوصا الصوفية يزعمون أن الاسم الأعظم سر
مكتوم ، وأن خاصة أوليائهم هم الذين يعلمونه ، ويعلمونه بالتلقي من
مشايخهم ، وأن هذا الاسم من علمه ودعا الله به فلا بد أن يستجاب له ، بغض
النظر عن كفره أو إيمانه ، وجعلوا لذلك هالة في قلوب العامة ، يعظمون من
خلالها هؤلاء الأولياء خوفا ورهبة من دعائهم بالاسم الأعظم الذي انفردوا
بمعرفته .ولو سئلوا لماذا حجب الاسم الأعظم عن عوام الناس ؟ يقولون حتى لا يدعون به دعوة باطلة ، فنحن أمناء على سر
الله ، ويستدلون بحديث شبه موضوع يرونه عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم سألت الله الاسم الأعظم فجاءني جبرائيل به مخزونا مختوما اللهم إني
أسالك باسمك المخزون المطهر المقدس المبارك الحي القيوم ، قالت عائشة :
بأبي وأمي يا رسول الله ، علمنيه ، قال يا عائشة : نهينا عن تعليمه النساء
والصبيان والسفهاء .يقولون سيدي الفلاني أخذ
علم التصوف والاسم الأعظم عن سيدنا أبي العباس العلاوي رحمه الله ، أخذ عنه
العهد والاسم ، فكان منه ما كان ، كرامات وتأثيرات وخوارق للعادات ، وغير
ذلك من الحكايات والمبالغات ، والكذب والافتراءات .إبراهيم بن أدهم كان من الأشراف ، وكان أبوه كثير المال
والخدم والمراكب ، فبينما إبراهيم في الصيد على فرسه يركض إذا هو بصوت من
فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث ألهذا خلقت أم بهذا أمرت: ( أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ) (المؤمنون:115) اتق الله عليك بالزاد
ليوم الفاقة فنزل عن دابته ورفض الدنيا ، وصادف راعيا لأبيه فأخذ عباءته
وأعطاه فرسه وما معه ودخل البادية ، فرأى فيها رجلا علمه الاسم الأعظم فدعا
به ، فرأى الخضر ، وقال إنما علمك أخي داود .اسم الله الأعظم ليس كما
يصوره هؤلاء أنه شيء مخفي غيبي هم فقط الذين يعلمون طريق الوصول إليه ،
ولكن أسماء الله كلها حسني وكلها عظمي ، وقد وصف الله أسماءه بالحسنى في
أربعة مواضع من القرآن الأول في سورة الأعراف ( وَلِلهِ الأَسْمَاءُ
الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) والثاني في سورة الإسراء ( قُلِ
ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ
الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ) والثالث في سورة طه ( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ
فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ
الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ) والرابع في سورة الحشر ( هُوَ اللهُ الخَالِقُ
البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) (الحشر:24) .ووجه الحسن في أسماء الله أنها دالة على ذات الله ،
فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأقدس مسمى وهو الله عز وجل ، فهي بالغة في الحسن من جهة الكمال والجمال ، ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكرام ) (الرحمن:78)فلله ولأسمائه منتهى العظمة والجلال ، وذلك لأن أسماءه متضمنة لصفاته الكاملة التي لا نقص فيها بحال من الأحوال ،
فاسم الله الحي متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال ، الحياة التي تستلزم كمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر ،
واسمه العليم متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى : (
قَالَ عِلمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى
) (طه:52)
وهو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا سواء ما
يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه قال الله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ
الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ
الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
(الأنعام:59) ، واسمه الرحمن متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم :
(
اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها ) ، وذلك أن أمرة وقعت في السبي
ففقدت صبيها وتضررت باجتماع اللبن في ثديها ، فكانت إذا وجدت صبيا أرضعته
ليخفف عنها ، فلما وجدت صبيها بعينه أخذته فالتزمته ، فألصَقَتْه ببَطنها
وأرضَعَتْه ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فقال لنا النبيُّ صلى الله
عليه وسلم : أتُرَونَ هذهِ طارحةً وَلدَها في النار ؟ قلنا: لا ، وهي
تَقدِر على أن لا تَطرَحهُ ، فقال : اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها
.واسم الله الرحمن كما أنه متضمن للرحمة الكاملة فإنه متضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال
الله عنها : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ ) ، وقال عن دعاء الملائكة
للمؤمنين : ( الذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ
بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلذِينَ آمَنُوا
رَبَّنَا وَسِعْتَ كُل شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلماً فَاغْفِرْ لِلذِينَ
تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ ) (غافر:7) .
وجميع الأسماء حسنى وعظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد فاسم
الله الأعظم في حال الفقر الغني ، وفي حال الضعف القوى ، وفي حال الجهل
العليم ، وفي حال السعي والكسب الرزاق ، وفي حال الذنب التواب الغفور
الرحيم ، وفي حال الحرب وقتال العدو فنعم المولى ونعم النصير ، وهكذا كل
اسم هو الأعظم في موضعه ، على حسب حالة العبد وما ينفعه ، والله عز وجل
أسماؤه لا تحصى ولا تعد ، هو الوحيد الذي يعلم عددها كما ورد من حديث ابن مسعود في صحيح بن حبان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( أَسْأَلُكَ
بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلتَهُ فِي
كِتَابِكَ ، أَوْ عَلمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلقِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ
بِهِ فِي عِلمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ )
لكن الله عز وجل من حكمته أنه يعطي كل مرحلة من مراحل
خلقه ، معرفة ما يناسبها من أسمائه وأوصافه ، وتظهر فيها دلائل كماله
وجماله وجلاله ، ففي مرحلتنا مرحلة الابتلاء ، مرحلة الدنيا وما فيها من
شهوات وأهواء ، وحكمة الله في تكليفنا بالشرائع والأحكام ، والحلال والحرام
، في هذه المرحلة عرفنا الله بجملة من أسمائه تتناسب مع متطلباتنا
وعلاقتنا بالله ،فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) .فالحياة لما كانت دار للابتلاء ومحلا للبلاء ، الناس
فيها مختلفون آجالا وأرزاقا ، ألوانا وأخلاقا ، منهم الغني والفقير ،
الصحيح والعليل ، الأعمى البصير ، الجاهل والخبير ، منهم الجبار والذليل ،
القوى والضعيف ، الغليظ واللطيف ، منهم الظالم والمظلوم ، والحاكم والمحكوم
، المالك والمعدوم ، منهم الكاذب والصادق ، المخلص والمنافق ،فكانت حكمة
الله في تعريف الخلائق ، بما يناسبهم من أسمائه فالمذنب إن أراد التوبة
سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا ، والمظلوم سيجد الله حقا مبينا ، حكما
عدلا وليا نصيرا ، والضعيف سيجد الله قويا قديرا ، والمقهور سيجد الله
عزيزا جبارا ، والفقير سيجد الله رزاقا كفيلا وكيلا ، وهكذا سيجد العباد من
الأسماء ما ينسب حاجتهم ومطالبهم ،فالفطرة اقتضت أن
تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها ، وغينا أعلى عند فقرها ، وتوابا رحيما
عند ذنبها ، وسميعا بصيرا قريبا مجيبا عند سؤالها ، ومن هنا كانت لكل
مرحلة ما يناسبها من أسما الله وصفاته ،
ألا ترى أنه في البدء
عندما أسكن الله آدم وحواء في جنة الابتلاء ، فأكلا من الشجرة وانكشفت
العورة وتطلبت الفطرة مخرجا وفرجا ، وكان الفرج والمخرج في أسما الله التي
تناسب حالهما وتغفر ذنبهما ،فعلمه الله كلمات ، ما هي هذه الكلمات ؟ أسماء لله وصفات ، علمه أن يدعوه باسمه التواب الرحيم ، ( فَتَلَقَّى
آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ ) (البقرة:37) أَي تَعَلمها ودعا بها ( قَالا رَبَّنَا
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ) (الأعراف:23) .
وعند البيهقي من حديث أنس
رضي الله عنه في قوله عز وجل : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ
فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) قال : سبحانك
اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين لا إله إلا
أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين لا
إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب
الرحيم .فطالما أن الدنيا للابتلاء فإن الله قد عرفنا بما يناسبهما ويناسبنا من الأسماء ،فأسماء الله كلها حسنى وكلها عظمى على اعتبار ما يناسبها
من أحوال العباد ، كابتلاء لهم في الاستعانة بالله والصدق مع الله ،
والخوف منه والرغبة إليه والتوكل عليه وغير ذلك من معاني توحيد العبودية
لله ، حتى يجتهد العباد في الطاعة ويسارعون في الخيرات ،والنبي صلى الله عليه وسلم أيضا لم يبين التسعة والتسعين اسما على وجه العد والتفصيل ،
للاجتهاد
في البحث والتحصيل ، فذلك لحكمة بالغة ، وأنوار ساطعة ، أن يطلبها الناس
ويتحروها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترفع
الدرجات وتتفاوت المنازل في الجنات ، فيلزم لحفظها إحصاؤها واستيفاؤها ، ثم
الإحاطة بمعانيها ، والعمل بمقتضاها ، ثم دعاء الله من خلالها ، وحسن
المراعاة لأحكامها .الاسم الأعظم ليس كما يصوره الصوفية حسب أهوائهم وأذواقهم سر مكنون وغيب مصون ، مقصور على أوليائهمويأخذونه عن مشايخهم بالتلقي مع العهد بالسند إلى قدماء
الأولياء ، كصاحب كتاب ختم الأولياء ، أو بلعام بن باعوراء ، فصاحب كتاب
ختم الأولياء ، الحكيم الترمذي الصوفي أعجبه اسم الرب ، فزعم أنه الاسم
الأعظم وحوله من جهر إلى سر ، والناس يعتقدون أن الاسم غيب مكنون ، وسر
مصون ، وهم جميعا يعرفون ويرددون ( الحمد لله رب العالمين ) ،يقول الحكيم الترمذي : (
اسم الرب هو الاسم الأعظم المكنون الذي منه خرجت الأسماء ، فمن وصل إلى ذلك
الاسم المكنون وانكشف له الغطا عنه ، فقد تبتل إليه وانقطع عن الخلق
واتخذه وكيلا ) وعلم عند ذلك الاسم الأعظم ، كأنه يفسر الآية ( وَاذْكُرِ
اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّل إِلَيْهِ تَبْتِيلاً رَبُّ المَشْرِقِ
وَالمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً وَاصْبِرْ عَلَى
مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ) (المزمل:10) . فالحسن
والعظمة في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده ، ويكون
باعتبار جمعه إلى غيره ، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال ،
فالأعلى في الكمال هو اسم الله الأعظم على هذا الاعتبار ، ومن هنا ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه جعل الحي القيوم هو اسم الله الأعظم وكذلك الرحمن الرحيم ، فقد
روى ابن ماجة الطبراني وحسنه الشيخ الألباني ، من حديث القاسم بن عبد
الرحمن عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَن النَّبِي صلي الله عليه وسلم قال : (
اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ في سُوَرٍ ثَلاثٍ ،
البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه ) ، قال القاسم : فالتمستها إنه الحي القيوم ، ( اللهُ لا
إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )
(البقرة:255) ( اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) (آل
عمران:2) ( وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلحَيِّ القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ
حَمَلَ ظُلماً ) (طه:111) .وقد ورد أيضا أن الاسم الله الأعظم هو الرحمن الرحيم ،
كالحديث الذي رواه أبو داوود والترمذي وقال : حسن صحيح ، وحسنه الشيخ
الألباني ، من حديث أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها ، أَنَّ
النَّبِي قَالَ : ( اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ في هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ : (
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )
، وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ : ( الم اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَي
القَيُّومُ ) . فاسم الله الأعظم أطلقه النبي صلي الله عليه وسلم على اسمين مضمومين ومقترنين وهما الحي مع القيوم ، و
الرحمن مع
الرحيم ، وإذا كانت أسماء الله كلها حسني وكلها عظمي ، كما قال تعالى : ( وَلِلهِ
الأَسْمَاءُ الحُسْنَي فَادْعُوهُ بِهَا ) (الأعراف:180) ، إلا أن اسمه
الحي واسمه القيوم عند اجتماعهما يختصان عن باقي الأسماء الحسني وينفردان
بما فيهما من أبعاد اعتقادية ويعطيان من المعاني ما ليس لغيرهما ،
كما
قال ابن القيم في نونيته : وله الحياة كمالها فلأجل ذا ما للممات عليه من
سلطان - وكذلك القيوم من أوصافه ما للمنام لديه من غشيان ، وكذاك أوصاف
الكمال جميعها ثبتت له ومدارها الوصفان - فمصحح الأوصاف والأفعال والأسماء
حقا ذانك الوصفان - ولأجل ذا جاء الحديث بأنه في آية الكرسي وذي عمران -
اسم الإله الأعظم اشتملا علي اسم الحي والقيوم مقترنان - فالكل مرجعها إلي
الاسمين يدري ذاك ذو بصر بهذا الشان .فالحي القيوم كما ذكر ابن القيم ، عليهما مدار أوصاف الكمال جميعها ،
فجميع الأسماء الحسني والصفات العليا تدل باللزوم علي أن الله حي قيوم دون العكس من أراد الزيادة فعليه بكتاب(أسماء الله الحسني) لفضيلة الشيخ الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني