من أسماء الله الحسنى: (الرب):
أيها الأخوة الكرام، كما تعلمون:
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ))
[ متفق عليه عن أبي هريرة]
وفي القرآن الكريم:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾
( سورة الأعراف )
وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: أن لله أسماً أعظماً، فما اسم الله الأعظم ؟ بعضهم قال الحي القيوم، وهناك اجتهاد مقبول أن اسم الله الأعظم هو الاسم الذي يتعلق بحالك، فالمريض اسم الله الأعظم له الشافي، والفقير اسم الله الأعظم له المغني، والمظلوم اسم الله الأعظم له العدل، والمقهور اسم الله الأعظم له الناصر، وقد ورد أن الرب اسم الله الأعظم لأنه أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لذلك قال تعالى:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) ﴾
( سورة البلد )
نظام الأبوة من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله:
الحقيقة نظام الأبوة من أكبر الآيات الدالة على عظمة الله، أن إنسان سعادته بسعادة ابنه، طمأنينته بطمأنينة ابنه، نظام الأبوية يدل على الله، إنسان يتمنى أن تسبقه، يتمنى أن تتفوق عليه، لا يسعده إلا سلامتك وسعادتك لذلك قال تعالى:
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) ﴾
( سورة البلد )
يعني لو تصورنا أن مؤسسة ضخمة أرادت أن تعين موظفاً، هذا الموظف يخضع للتجريب في هذه الفترة التجريبية تحصى عليه أخطاؤه، فإذا كانت بحجم غير مقبول رفض، لكن لو أن مدير المؤسسة أراد أن يكون ابنه هو الموظف، ما الذي يحصل ؟ ليس القصد هنا إحصاء الأخطاء ولكن القصد أن يربى، فعند كل خطأ يُوَجّه، يعلم، يحاسب، هذا شأن الأب.
الرب هو الأب الحاني على أولاده:
إذا قلنا الحمد لله رب العالمين، ما معنى كلمة رب بالمعنى البسيط ؟ الأولي البديهي أن الأب يهيئ لأسرته بيتاً، يهيئ لهذا البيت أثاثاً، يهي لهذا البيت أجهزة، يهيئ لهذا البيت طعاماً وشراباً، إن رأى ابنه مريضاً يسارع إلى معالجته ويشرف على إعطاء الدواء، وإن رأى بيد ابنه حاجةً ليست له يسأله يحقق معه قد يعاقبه، قد يؤدبه، يعني أبسط شرح لمعنى الرب هو الأب الحاني على أولاده، يهيئ المسكن والحاجات والطعام والشراب والمدرسة والغرفة الخاصة والتوجيه والتعليم والمحاسبة والتربية والعقاب أحياناً والمكافأة والتكريم.
يمكن أن نفهم معنى اسم الأب ببساطة من أب عالم، من أب رحيم، من أب يسعى لإمداد أولاده بكل ما يحتاجون، ويسعى لتربية أجسامهم، وتربية عقولهم، وتربية نفوسهم، وتربيتهم تربية اجتماعية، وتربيتهم تربية بدنية، وتربيتهم تربية جنسية، هذا الأب الحاني العالم الرحيم الذي لا يقلقه إلا مصير أولاده، لا يقلقه إلا سعادتهم، إلا إيمانهم، إلا سموهم، يمكن أن نفهم معنى هذا الاسم الذي يمكن أن يكون اسم الله الأعظم من مفهومات الأبوة والبنوة لذلك ليس عجيباً أن يأتي نظام الأبوة آية دالة على عظمة الله.
﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) ﴾
( سورة البلد )
الرب أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان لأن الله يربينا عن طريق آياته:
هذا الاسم أيها الأخوة ورد في القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) ﴾
( سورة يس )
﴿ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) ﴾
( سورة سبأ )
ولعل هذا الاسم هو أقرب الأسماء الحسنى إلى الإنسان، لأن الله عز وجل يربينا، يربي أجسامنا ويربي نفوسنا ويربي عقولنا، عن طريق آياته الكونية، وعن طريق آياته التكوينية وعن طريق آياته القرآنية.