بسم الله الرحمن الرحيم
يحكى يا أهل النجدة والفكرة، قصة فيها الموعظة والعبرة، دخل مرة أحد الكرام، على بيت الله الحرام، فوجد امرأة لله مسلمة، وبحكمه مسلمة، تنادي وتقول: يا رب الجبال والسهول، يا رب الأفهام والعقول، يا كريم يا كريم، العهد القديم العهد القديم، وعليها أمارات الخشوع، وتذرف من الخوف الدموع، فسألها عبد من عباد الله: ما بالك يا أمة الله؟ فقالت: إن لي قصة عجيبة، وأحداثَها غريبة، كنت وزوجي وولد لنا رضيع، نخوض في سفينة هذا البحر الوسيع، وإذا بعاصفة هوجاء، تهب من كل الأنحاء، قلبت السفينة وأغرقتها في منظر عجيب، وساقتني الأمواج مع رجل غريب، إلى جزيرة كلها أشجار وثمار وأزهار وأعطار، لكنها غريبة الأطوار، وهناك لم يعتبر الرجل بما كان، أن قد نجانا الله الرحمن، فمد يده إلي ليلمسني بالحرام، فقلت: يا رحمن يا علام، يا أكرم الأكرمين، نجني من هذا الظالم يا أرحم الراحمين، فيبست يده في الحال، وصار يستعطفني لأدعو له الله المتعال، فلما عادت يده تعمل، لم يرعو ولم يخجل، وعاود الكرة من جديد، فدعوت عليه الله المجيد، ذا البطش الشديد، فخرجت من البحر دابة عجيبة، غريبة مريبة، أخذت الظالم إلى قاع الماء، فهلك وعم السكون الأنحاء، ثم مرت سفينة، مضاءة بالزينة، فأقبلوا علي: ما بالك وحيدة؟! فقلت وأنا بنجاتي سعيدة، لي قصة يا سادة، وهي غير معتادة، فقالوا: قصتك تقشعر منها الأبدان، وما عندنا يعجب له الإنس والجان، كنا نسير البارحة بأمان الله، فسمعنا هاتفًا ينادي، يا عباد الله، أركبوه معكم، وإلا هلكتم، فنظرنا، فدهشنا، طفل صغير، على ظهر حوت كبير، قالت: أروني إياه، قالت: ولداه، ثم تعاهد من في السفينة على التوبة إلى الله، والتزام درب الخير وهداه.